اتصل بي -س- طالباً مقابلتي فإعتذرت له لكوني لا أعرفه، وقلت له: ألا تكفي المحادثة بالهاتف فأجابني بأنه والد الطالبة -ص- التي كانت إحدى طالباتي بجامعة الملك فيصل وقد إقترحت عليه الإتصال بي لغرض معرفة رأيي في موضوع أسري والمحادثة بالهاتف ربما تطول فرحّبت بلقائه وبعد إستقبالي له تبيّن لي أنه ناهز الستين سنة من العمر وأن أم أولاده على قيد الحياة وقد ناهزت الخمسين من العمر وأنه غير قادر على ممارسة العلاقة الزوجية الخاصة وقد نصحه بعض أصدقائه بالزواج من ثانية وسألني: ترى أتزوج ثانية؟؟!.
فكّرت وتأملت السؤال.. بينما كنت أناوله كوباً من الشاي ولا شك في أن الإجابة ليست بالأمر البسيط لأن الحياة الزوجية القائمة يجب حمايتها من أي تفكّك وينبغي الإبتعاد بها عن المجازفة بمستقبلها ولأن إستقرارها والمحافظة على كيانها وعدم تعريضها للخطر تشكل أولوية قصوى في نظري.
وأبطأت في إعطاء الإجابة بينما كنت أشاغله بأحاديث جانبية ودارت في رأسي أسئلة طلبت إجابته عنها تتعلق بالعلاقات الزوجية والأولاد وإذا ثمة أمراض يعانيها الطرفان وتبيّن من إجابته أن العمر الزوجي اثنتان وثلاثون سنة وعدد الأولاد ثمانية ذكور وإناث وعلاقته بزوجته تعرّضت لمواقف سلبية من كلا الطرفين ولا تخلو من شجار ومشاحنات ونتيجة ذلك حدث النفور بينهما، كما أنه يعاني من مرض السكر والضغط ولا تخلو زوجته من ذلك وأن الحالة المالية له جيدة ومستوى التعليم لهما في مستوى المتوسط والثانوي.
وكانت إجابته صريحة إستنتجت منها أن كلاً منهما يعاني حالتين أولاهما نفسية إجتماعية وثانيهما جسدية مرضية وبين الحالتين إرتباط كبير جدا كما هو معروف ولما إستبطأ الإجابة سألني عن رأيي فأجبته بأن الزواج الثاني لا يضمن تحقيق ما يصبو إليه رغم الإباحة الواردة في القرآن الكريم وربما يؤدي الى شقائه وشقاء أسرته فهو في سن التقاعد ويعاني بعض الأمراض وإقترحت عليه أن يعيد ترتيب العلاقة بينه وبين زوجته على أسس جديدة منها أن ينظر إليها بأنها الخيمة التي تحتضن كافة أفراد الأسرة وأنها أكثر عطاء وإخلاصاً له ولأولاده كباراً وصغاراً، وكل منهما في حاجة الى الآخر وكثير من حالات الزواج الثاني فشلت ويعود الأزواج الى أحضان الزوجة الأولى التي ساندتهم في كفاحهم، وأن العلاقة الهادئة الخالية من المشاحنات وتبادل اللوم والتأنيب مع حسن التعامل الإجتماعي وتلبية إحتياجات الزوجة حسب الإمكانيات والإحترام المتبادل بين الزوجين في لغة نظيفة من السب والشتم والتقريع، كما قال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} [الإسراء:53].. فالكلمة الطيبة خير ضمان لعلاقة زوجية إنسانية رائعة.
كما أن عنايته بمعالجة الأمراض التي يعانيها وممارسة الرياضة البدنية والإقلاع عن التدخين تعطيه دفعة صحية ونفسية وكذلك بالنسبة للزوجة التي ينبغي لها إرتداء الملابس الجميلة والزينة المناسبة والنظافة البدنية الكاملة والروائح العطرية وكل ذلك يؤدي الى ترسيخ مشاعر المحبة والعواطف الإيجابية الجاذبة لكل منهما نحو الآخر بما يتناسب مع تطوّر الحياة ثقافياً وحضارياً فالحياة الزوجية شراكة بين طرفين تزهو بالتعاون الإيجابي بينهما، فقال شكراً لقد كانت إبنتي على حق.
بقلم: د. علي بن عبدالعزيز العبدالقادر.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.